دراسات إسلامية 

«نزول القرآن على سبعة أحرف»

 

 

 

بقلم : الدكتورة مَهْ جبين أختر

حيدر آباد – الهند

 

     هذا الموضوع يحتل أهمية بالغة، لما يتجلى في نزول القرآن على سبعة أحرف. وذلك مظهر من مظاهر رحمة الله وتحفيفه على عباده وتيسيره لكتابه على كافة القبائل العربية ؛ بل على جميع شعوب الأمة الإسلامية من كل جيل وقبيل ، حتى ينطقوا به لينة ألسنتهم ، سهلة لهجاتهم برغم ما بينهم من اختلاف في اللغات ، وتنوع في الخصائص والميزات.

     كما التبس على كثير من الناس أن الأحرف السبعة هي القراءات السبعة للتوافق العددي بينهما، وليس الأمر كذلك ؛ بل القراءات غير الأحرف السبعة؛ لأن القراءات مذاهب أئمة وهي باقية إجماعاً يقرأ بها الناس . ومنشؤها اختلاف في اللهجات وكيفية النطق وطرق الأداء من تفخيم وترقيق ، وإمالة وإدغام ، وإظهار وإشباع ، ومد وقصر ، وتشديد وتخفيف ... الخ وجميعها في حرف واحد . وأما الأحرف السبعة فنتعرف عليها خلال دراستنا إن شاء الله . ومن هاتين الناحيتين كان لابد من دراسة هذا الموضوع .

     لقد كان للعرب لهجات شتى تنبع من طبيعة فطرتهم في جرسها وأصواتها وحروفها تعرّضت لها كتب الأدب بالبيان والمقارنة ؛ فكل قبيلة لها من اللحن في كثير من الكلمات ما ليس للآخرين ، إلا أن قريشاً من بين العرب قد تهيأت لها عوامل جعلت للغتها الصدارةَ بين فروع العربية الأخرى ، من جوار البيت وسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام والإشراف على التجارة ؛ فأنزلها العرب جميعًا لهذه الخصائص وغيرها منزلة الأب للغاتهم، فكان طبيعيًا أن يتنزل القرآن بلغة قريش على الرسول القرشي تأليفاً للعرب وتحقيقاً لإعجاز القرآن حين يسقط في أيديهم أن يأتوا بمثله أو بسورة منه .

     وإذا كان العرب تتفاوت لهجاتهم في المعنى الواحد بوجه من وجوه التفاوت فالقرآن الذي أوحى الله به لرسوله محمد يكمل له معنى الإعجاز إذا كان مستجمعًا لحروفه وأوجه قراءته .

أدلة نزول القرآن على سبعة أحرف :

     روى حديث نزول القرآن على سبعة أحرف عن جمع كبير من الصحابة ، منهم عمر، وعثمان، وابن مسعود، وابن عباس، وأبوهريرة، وأبوبكر، وأبوجهم ، وأبو سعيد الخدري، وأبوطلحة الأنصاري، وأبيّ بن كعب، وزيد بن أرقم ، وسمرة بن جندب، وسلمان بن صرد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن أبي سلمة، وعمرو بن العاص، ومعاذ بن جبل، وهشام بن حكيم، وأنس، وحذيفة، وأم أيوب امرأة أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين .

     فروى البخاري ومسلم في صحيحيها عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله : «أقرأني جبريل على حرف فراجعتُه، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» .

     وروى البخاري ومسلم أيضا (واللفظ للبخاري) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله ، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يُقرئينها رسول الله ، فكدت أساوره في الصلاة ، فانتظرته حتى سلم، ثم كببته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة؟ قال: أقرأنيها رسول الله . قلت له: كذبت ، فوالله إن رسول الله أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها ، فانطلقت أقوده إلى رسول الله فقلت : يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تُقرئينها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان . فقال رسول الله : أرسله يا عمر، اقرأ ياهشام ، فقرأ هذه القراءة التي سمعته يقرؤها، فقال رسول الله : هكذا أنزلت ، ثم قال رسول الله : اقرأ يا عمر، فقرأتُ القراءة التي أقرأني رسول الله ، فقال رسول الله : هكذا أنزلت ، ثم قال رسول الله : إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منها .

     وروى مسلم بسنده عن أبيّ بن كعب أن النبي كان عند أضاءة بني غفار. قال: فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف. فقال أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتي لاتطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأحرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لاتطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا».

     هذه وغيرها من الروايات الأخرى تدل صراحة على أن القرآن أنزل على سبعة أحرف . فما هي الأحرف السبعة ؟ وما المراد بها؟.

معنى الأحرف السبعة :

     السبعة هي العدد المعروف في الآحاد بين الستة والثمانية .

     وأما الأحرف فجمع حرف ، والحرف يطلق على معان كثيرة أتى عليها صاحب القاموس؛ إذ يقول: الحرف من كل شيء طرفه، وشفيره، وحدّه، ومن الجبل أعلاه المحدد، و واحد حروف التهجي، والناقة الضامرة أوالمهزولة أوالعظيمة، ومسيل الماء، وآرام سود ببلاد سليم . «ومن الناس من يعبد الله على حرف» أي وجه واحد .

     وهذه الإطلاقات الكثيرة تدل على أن لفظ الحرف من قبيل المشترك اللفظي، والمشترك اللفظي يراد به أحد معانيه التي تعينها القرائن وتناسب المقام.

آراء العلماء في تفسير الأحرف السبعة :

     اختلف العلماء في تفسير هذه الأحرف السبعة اختلافاً كثيرًا، حتى قال ابن حيان: اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً . وأكثر هذه الآراء متداخل ، ونحن نورد هنا ماهو ذوبال منها:

     1- ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، على معنى أنه حيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنىمن المعاني يأتي القرآن منزلاً بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد، وحيث لايكون هناك اختلاف ، فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر .

     واختلفوا في تحديد اللغات السبع .

     فقيل : هي لغات قريش ، وهذيل، وثقيف ، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن .

     وقال أبو حاتم السجستاني : نزل بلغة قريش، وهذيل، وتميم، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر.

     وروى غير ذلك .

     2- وقال قوم: إن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، على معنى أنه في جملته لايخرج في كلماته عن سبع لغات هي أفصح لغاتهم، فأكثره بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذيل، أو ثقيف، أوهوازن، أو كنانة، أو تميم أو اليمن ؛ فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع. وهذا الرأي يختلف عن سابقه؛ لأنه يعني أن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن، لا أنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني . قال أبو عبيد: ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبع لغات، بل اللغات السبع مفرقة فيه، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وغيرهم، قال: وبعض اللغات أسعد به من بعض وأكثر نصيبًا.

     3- وذكر بعضهم أن المراد بالأحرف السبعة أوجه سبعة: من الأمر، والنهي، والحلال، والحرام، والمحكم، والمتشابه، والأمثال .

     فعن ابن مسعود عن النبي قال: «كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد، وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب، على سبعة أحرف: زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال».

     4- وذهب جماعة إلى أن المراد بالأحرف السبعة، وجوه التغاير السبعة التي يقع فيها الاختلاف، وذلك هو رأى الإمام أبي الفضل الرازي أيضًا ؛ إذ يقول في اللوائح :

     الكلام لايخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف:

     الأوله بلغة اليمن، وغيرهم، قال: وبعض اللغات أسعد به من بعض وأكثر : اختلاف الأسماء من إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث.

     الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من : ماض ومضارع وأمر.

     الثالث : اختلاف وجوه الإعراب .

     الرابع : الاختلاف بالنقص والزيادة .

     الخامس : الاختلاف بالتقديم والتأخير.

     السادس : الاختلاف بالإبدال .

     السابع : اختلاف اللغات (يريد اللهجات) كالفتح والإمالة، والترقيق ، والتفخيم ، والإظهار والإدغام ، ونحو ذلك .

     ويمكن التمثيل للوجه الأول منه، وهو اختلاف الأسماء بقوله سبحانه: (وَالَّذِيْنَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُوْنَ 80 – المؤمنون) قُرِئ «لأماناتهم» بالجمع، وقرئ «لأمانتهم» بالإفراد. ورسمها في المصحف «لأمنتهم» يحتمل القراءتين لخلوها من الألف الساكنة. ومآل الوجهين في المعنى واحد؛ فيراد بالجمع الاستغراق الدال على الجنسية، ويراد بالإفراد الجنس الدال على معنى الكثرة، أي جنس الأمانة .

     ويمكن التمثيل للوجه الثاني، وهو اختلاف تصريف الأفعال بقوله سبحانه : (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا، 19- سبأ) قُرِئ بنصب «ربنا» على أنه منادى مضاف، و«باعد» بصيغة الأمر، وقرئ «ربنا» بالرفع على أنه مبتدأ، و«باعد» بفتح العين على أنه فعل ماض. على أن الجملة خبر، وقرئ «بعّد» بفتح العين مشددة مع رفع «ربُّنا» أيضًا.

     ويمكن التمثيل للوجه الثالث ، وهو اختلاف وجوه الإعراب بقوله سبحانه: (مَا هَذا بَشَرًا، 31-يوسف) قرأ الجمهور بالنصب على أن «ما» عاملة عمل «ليس» وهي لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن، وقرأ ابن مسعود (ماهذا بشرٌ) بالرفع على لغة بني تميم ؛ فإنهم لايعملون «ما» عمل «ليس» .

     ويمكن التمثيل للوجه الرابع، وهو الاختلاف بالنقص والزيادة بقوله تعالى: (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِيْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ، 100- التوبة) قرئ (مِنْ تَحْتِهَاالأَنْهَارُ) بزيادة (من) وهما قراءتان متواترتان، وبقوله تعالى: (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَىٰ، 3- الليل) قرئ أيضا «وَالذَّكَرَ وَالأُنْثَىٰ» بنقص كلمة «ماخلق».

     ويمكن التمثيل للوجه الخامس، وهو الاختلاف بالتقديم والتأخير إما في الحرف بقوله تعالى: (أَفَلَمْ يَيْأَس، 31- الرعد) وقرئ (أَفَلَمْ يَأْيس)، وإما في الكلمة بقوله تعالى: (فيَقتُلون ويُقتَلُون، 111- التوبة) بالبناء للفاعل في الأول، وللمفعول في الثاني، وقرئ بالعكس، أي بالبناء للمفعول في الأول، وللفاعل في الثاني .

     ويمكن التمثيل للوجه السادس ، وهو الاختلاف بالإبدال ، يقوله تعالى: (وَانْظُرُوْا إِلَىٰ الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا، 259- البقرة) بالزاى ، وقرئ «نَنْشُرُهَا» بالراء، وكذلك قوله تعالى: (وَطَلْحٍ مَنْضُوْدٍ، 29 – الواقعة) بالحاء، وقرئ «وَطَلْع» بالعين .

     ويمكن التمثيل للوجه السابع ، وهو اختلاف اللهجات، بقوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيْثُ مُوْسَىٰ، 9 – طه) قرئ بإمالة «أتى» و «موسى» .

     5- وذهب بعضهم إلى أن العدد سبعة لا مفهوم له، وإنما هو رمز إلى ما ألفه العرب من معنى الكمال في هذا العدد، فلفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة والكمال في الآحاد، كما يطلق السبعون في العشرات، والسبعمائة في المئين، ولايراد العدد المعين .

     6- وقال جماعة : إن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع .

القول الراجح في ذلك :

     بعد ذكر هذه الآراء للعلماء نقول إن الراجح من هذه الآراء جميعًا هو الرأى الأول، وأن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد ، نحو أقبل ، وهلم، وعجل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد. وإليه ذهب سفيان بن عيينة، وابن جرير، وابن وهب، وخلائق، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء. ويدل عليه ماجاء في حديث أبي بكرة: «أن جبريل قال: يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، مالم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل» قال ابن عبد البر: إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها، وأنها معان متفق مفهومها، مختلف مسموعها، لايكون في شيء.

     ويجاب عن الرأى الثاني الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن ، على معنى أنه في جملته لايخرج في كلماته عنها فهو يشتمل في مجموعه عليها، بأن لغات العرب أكثر من سبع ، وبأن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كليهما قرشي من لغة واحدة، وقبيلة واحدة، وقد اختلفت قراءتهما. ومحال أن ينكر عليه عمر لغته؛ فدل ذلك على أن المراد بالأحرف السبعة غير ما يقصدونه.

     ويجاب عن الرأى الثالث الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبعة أوجه من الأمر، والنهي، والحلال، والحرام، والمحكم، والمتشابه، والأمثال؛ بأن ظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة إلى سبعة توسعة للأمة. والشيء الواحد لايكون حلالاً وحرامًا في آية واحدة ، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال، ولا تحليل حرام، ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة .

     ويجاب عن الرأى الرابع الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير التي يقع فيها الاختلاف – بأن هذا وإن كان شائعًا مقبولاً لكنه لاينهض أمام أدلة الرأى الأول التي جاء التصريح فيها باختلاف الألفاظ مع اتفاق المعنى، وبعض وجوه التغاير والاختلاف التي يذكرونها ورد بقراءات الآحاد ، ولاخلاف في أن كل ما هو قرآن يجب أن يكون متواترًا .

     ويجاب عن الرأى الخامس الذي يرى أن العدد سبعة لامفهوم له. بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره «أقرأني جبريل على حرف، فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» فهذا يدل على حقيقة العدد المعين المحصور في سبعة .

     ويجاب عن الرأى السادس الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع. بأن القرآن غير القراءات؛ فالقرآن: هو الوحى المنزل على محمد للبيان والإعجاز، والقراءات هي اختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي من تخفيف أو تثقيل أو مد أو نحو ذلك . قال أبو شامة: «ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل».

حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف:

     تتخلص حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف في أمور:

     1- تيسير القراءة والحفظ على قوم أميين، لكل قبيل منهم لسان ولاعهد لهم بحفظ الشرائع، فضلاً عن أن يكون ذلك مما ألفوه. وهذه الحكمة نصت عليها الأحاديث في عبارات .

     عن أبيّ قال: «لقى رسول الله جبريل عند أحجار المراء فقال: إني بُعِثْت إلى أمة أميين، منهم الغلام والخادم والشيخ العانس والعجوز، فقال جبريل: فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف» وغير ذلك من الأحاديث .

     2- إعجاز القرآن للفطرة اللغوية عند العرب. فتعدد مناحي التأليف الصوتي للقرآن تعددًا يكافئ الفروع اللسانية التي عليها فطرة اللغة في العرب حتى يستطيع كل عربي أن يوقع بأحرفه وكلماته على لحنه الفطري ولهجة قومه مع بقاء الإعجاز الذي تحدى به الرسول العرب ومع اليأس من معارضته لايكون إعجاز اللسان دون آخر، وإنما يكون إعجاز اللفطرة اللغوية نفسها عند العرب .

     3- إعجاز القرآن في معانيه وأحكامه ؛ فإن تقلب الصور اللفظية في بعض الأحرف والكلمات يتهيأ معه استنباطُ الأحكام التي تجعل القرآن ملائماً لكل عصر . ولهذا احتج الفقهاء في الاستنباط والاجتهاد بقراءات الأحرف السبعة .

     وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين .

*  *  *

المراجع :

(1)          الجامع الصحيح ، للإمام البخاري .

(2)          الجامع الصحيح ، للإمام مسلم .

(3)          الإتقان في علوم القرآن ، للسيوطي .

(4)          مناهل العرفان في علوم القرآن . لمحمد عبد العظيم الزرقاني.

(5)          مباحث في علوم القرآن . لمناع القطان .

(6)          في علم القراءات . للسيد الرزق الطويل .

 

*  *  *

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذوالقعدة 1427هـ = ديسمبر 2006م ، العـدد : 11 ، السنـة : 30.